الفرق بين الثعلبة والقرع: الأسباب، الأعراض، وطرق العلاج

يُعَدّ تساقط الشعر من المشكلات الجلدية الشائعة التي يعاني منها عدد كبير من الأفراد حول العالم، حيث تتعدد أنواعه وأشكاله وأسبابه، مما يُصعِّب أحيانًا على الشخص غير المتخصص التمييز بين أنواع مختلفة من تساقط الشعر. من بين الحالات الأكثر شيوعًا والمربكة للناس، تأتي الثعلبة (Alopecia Areata) والقرع (Tinea Capitis). ورغم أن كلا الحالتين تتسببان في فقدان الشعر بشكل موضعي، إلا أن الفرق بينهما جوهري من حيث المسببات والأعراض والعلاج وحتى المضاعفات المحتملة. هذا المقال يتناول الفروق الدقيقة بين الثعلبة والقرع بشكل مفصل، مع دعم المعلومات بأحدث الأبحاث الطبية والتوصيات العلاجية الموثوقة.

أولاً: تعريف الثعلبة

الثعلبة البقعية أو الثعلبة المناعية هي حالة مرضية جلدية غير معدية تُصنَّف ضمن أمراض المناعة الذاتية. في هذه الحالة، يهاجم الجهاز المناعي للجسم عن طريق الخطأ بصيلات الشعر، ما يؤدي إلى تساقط الشعر في بقع مستديرة على فروة الرأس أو في مناطق أخرى من الجسم مثل الذقن أو الحاجبين أو حتى الرموش.

يُعتقد أن الثعلبة تنجم عن تفاعل معقّد بين العوامل الجينية والبيئية، وتظهر في أي مرحلة عمرية ولكنها غالبًا ما تبدأ في مرحلة الطفولة أو المراهقة. تصيب الذكور والإناث على حد سواء، وقد تترافق مع أمراض مناعية أخرى مثل الذئبة الحمراء، البهاق، أو مرض الغدة الدرقية المناعي.

ثانياً: تعريف القرع

القرع أو السعفة الرأسية هو مرض جلدي فطري معدٍ يُسببه نوع من الفطريات يُعرف بالفطريات الجلدية (Dermatophytes)، وينتقل عن طريق التلامس المباشر مع الشخص المصاب أو عبر أدواته الشخصية كالأمشاط والقبعات والمناشف. يتميز القرع بظهور بقع خالية من الشعر، ولكنها غالبًا ما تكون مصحوبة بالتهاب واحمرار وتقشر للجلد، وفي بعض الحالات، قد تظهر بثور أو نقط سوداء مكان الشعر المكسور.

القرع يصيب الأطفال بنسبة أكبر من البالغين، وذلك بسبب ضعف النظام المناعي للأطفال مقارنة بالبالغين، إضافة إلى سلوكيات التلامس واللعب الجماعي. ينتشر المرض في البيئات الرطبة والدافئة، وهو من الأمراض التي تستدعي علاجًا فوريًا لتفادي انتقال العدوى.

الفرق بين الثعلبة والقرع

الأسباب والعوامل المؤثرة في كل حالة

أسباب الثعلبة

1. الاستعداد الوراثي: تم ربط الثعلبة بوجود تاريخ عائلي للإصابة بأمراض مناعية.

2. الاضطرابات المناعية: حيث يتعرف الجهاز المناعي على بصيلات الشعر كجسم غريب ويهاجمها.

3. العوامل النفسية: مثل القلق والتوتر الشديد، والتي قد تسهم في تحفيز ظهور المرض.

4. العوامل البيئية: مثل الفيروسات أو السموم البيئية التي قد تؤدي إلى تنشيط الحالة لدى الأفراد المعرضين وراثيًا.

أسباب القرع

1. العدوى المباشرة: من شخص مصاب أو من حيوان أليف حامل للفطريات.

2. استخدام الأدوات الملوثة: مثل القبعات، الأمشاط، المناشف أو الوسائد.

3. البيئات الرطبة: التي تعزز من نمو وانتقال الفطريات.

4. نقص النظافة الشخصية: يزيد من فرص الإصابة.

الأعراض التفصيلية

أعراض الثعلبة

• ظهور بقع دائرية أو بيضوية خالية من الشعر تمامًا.

• سطح الجلد طبيعي، دون احمرار أو تقشر.

• في حالات نادرة، قد يمتد تساقط الشعر إلى كافة فروة الرأس (الثعلبة الكاملة) أو الجسم كله (الثعلبة الشاملة).

• الأظافر قد تتأثر أيضًا بظهور خطوط أو تنقرات سطحية.

• عدم وجود حكة أو ألم مرافق للمرض.

أعراض القرع

• بقع خالية من الشعر مع ظهور قشور أو احمرار واضح.

• وجود حكة مزعجة وألم في بعض الحالات.

• تقصف الشعر وظهور نقاط سوداء مكان الشعيرات المكسورة.

• في بعض الأحيان، تتكون بثور أو صديد، خاصة في الحالات الشديدة.

• تضخم في العقد اللمفاوية القريبة من المنطقة المصابة في الحالات المتقدمة.

طرق التشخيص

تشخيص الثعلبة

يعتمد الطبيب في تشخيص الثعلبة على الفحص السريري المباشر، وقد يتم استخدام:

• الدرموسكوب (Dermatoscope): لرؤية بصيلات الشعر بوضوح.

• تحاليل الدم: مثل تحليل الغدة الدرقية أو فحص مؤشرات الالتهاب المناعي في حال وجود شكوك بارتباط الحالة بأمراض مناعية أخرى.

• خزعة من فروة الرأس (في الحالات النادرة): لتأكيد تشخيص الثعلبة وملاحظة التهابات المناعة الذاتية في بصيلات الشعر.

تشخيص القرع

تشخيص القرع غالبًا ما يكون بسيطًا ويعتمد على:

• الفحص السريري.

• الفحص المجهري المباشر: من خلال كشط الجلد واستخدام محلول هيدروكسيد البوتاسيوم (KOH) لرؤية الفطريات.

• زراعة الفطريات: لتحديد نوع الفطر وتوجيه العلاج بدقة.

• اختبار الأشعة فوق البنفسجية (Wood’s Lamp): حيث تتوهج بعض أنواع الفطريات تحت الضوء.

طرق العلاج

علاج الثعلبة

• العلاجات الموضعية: مثل الكورتيكوستيرويدات الموضعية أو المينوكسيديل.

• الحقن بالكورتيزون: مباشرة داخل بقع الثعلبة لتثبيط الاستجابة المناعية.

• العلاجات المناعية الموضعية: مثل مادة ديبسين (DPCP) أو سكواريل ديبوتيريت (SADBE).

• العلاج الضوئي: باستخدام الأشعة فوق البنفسجية.

• مثبطات المناعة الفموية: مثل الميثوتريكسات أو الستيرويدات، وتُستخدم في الحالات الشديدة.

علاج القرع

• الأدوية الفموية المضادة للفطريات: مثل غريزيوفولفين أو تيربينافين، وتُعتبر حجر الأساس للعلاج.

• الشامبو الطبي: الذي يحتوي على كيتوكونازول أو سيلينيوم سلفايد لتقليل العدوى ومنع انتقالها.

• عزل الأدوات الشخصية: وغسلها بماء ساخن لمنع إعادة العدوى.

• تطهير البيئة المحيطة: من الأسطح والأثاث الذي قد يحمل الفطريات.

المضاعفات المحتملة

مضاعفات الثعلبة

• فقدان دائم للشعر في بعض الحالات، خصوصًا إذا لم يُعالَج المرض مبكرًا.

• مشاكل نفسية مثل الاكتئاب أو القلق بسبب المظهر الخارجي.

• زيادة احتمالية الإصابة بأمراض مناعية أخرى.

مضاعفات القرع

• تكوّن خراجات جلدية أو التهابات ثانوية.

• تساقط دائم للشعر في حال حدوث تليف أو تندب في فروة الرأس.

• انتقال العدوى للآخرين، خصوصًا في المدارس والمراكز الجماعية.

التدابير الوقائية

للثعلبة

• تقليل التوتر النفسي قدر الإمكان.

• إجراء الفحوصات الدورية في حال وجود تاريخ عائلي للأمراض المناعية.

• تجنب المنتجات الكيميائية القاسية على فروة الرأس.

للقرع

• الحفاظ على نظافة الشعر وغسله بانتظام.

• عدم مشاركة الأدوات الشخصية.

• تجنب التلامس المباشر مع الحيوانات المصابة.

• مراقبة الأطفال عند اللعب الجماعي في البيئات العامة.

الخلاصة

التمييز بين الثعلبة والقرع ضروري لتحديد العلاج الصحيح وتفادي المضاعفات، فبينما تنشأ الثعلبة عن خلل في جهاز المناعة دون أي عدوى، فإن القرع مرض فطري معدٍ يتطلب الحذر والعلاج الفوري. التشخيص المبكر والاستشارة الطبية المتخصصة يعتبران أساسيين لتحديد نوع الإصابة ووضع خطة علاجية فعالة ومناسبة لكل حالة. ومن خلال الالتزام بالتدابير الوقائية والعلاجية، يمكن التعايش مع هذه الحالات وتقليل تأثيرها النفسي والجسدي.

المراجع:

1. American Academy of Dermatology Association (AAD): www.aad.org

2. Mayo Clinic Medical Information: www.mayoclinic.org